لأول مرة منذ شهور: نتنياهو يعقد مؤتمرًا صحفيا وينتقد القضاء والاتحاد الأوروبي

لأول مرة منذ شهور، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الأربعاء مؤتمرًا صحفيًا، دُعي إليه فقط صحفيون تم اختيارهم مسبقًا من قبل مكتب رئيس الحكومة. تناول نتنياهو خلال المؤتمر قرار المحكمة العليا (بגتس) بشأن رונين بار وموقف المستشارة القضائية للحكومة، وتحدث عن تطورات صفقة الأسرى وقضية “قطر غيت”، كما أجاب على أسئلة الصحفيين وأسئلة أمهات بعض الأسرى.
هجوم على المحكمة والمستشارة القضائية
ورداً على سؤال من الصحفيين بشأن قرار المحكمة العليا حول رئيس الشاباك، وموقف المستشارة القضائية التي قالت إن نتنياهو لا يمكنه تعيين رئيس جديد للجهاز، سُئل: “متى ستقول إن هذا أمر غير قانوني ولن نطيع المحكمة العليا؟”
فأجاب نتنياهو: “القانون ليس امتيازًا، بل هو ملزم للجميع. من يخالف القانون فهو مخالف، والسؤال الحقيقي هو: هل المحكمة العليا والمستشارة القضائية ستحترمان القانون الذي يعكس إرادة الشعب؟ نحن حكومة ديمقراطية، القانون يصدر عن ممثلي الشعب، والسؤال هو: هل سيحترمون هذا القانون أم لا؟”
وأضاف: “القرار الصادر يضر بالقانون وبالديمقراطية وبأمن الدولة، لأنه يعيق تعيين أو إقالة رئيس الشاباك – وكلا الأمرين متساويان. وبعد القرار، وفي توقيت مثير للاهتمام، تلقيت رسالة من المستشارة القضائية تقول فيها: لا يمكنك تعيين رئيس جديد للشاباك لأنك في حالة تضارب مصالح. أنا في تضارب مصالح؟ هي في تضارب مصالح! كالجمل الذي لا يرى سنامه – بل لديه سنامان على الأقل”.
وتابع: “اتضح قبل أيام خلال محاكمتي أن أحد شهود النيابة مقرّب جدًا من المستشارة القضائية، ولم تكشف عن ذلك. هذا تضارب مصالح بامتياز. لا أعلم ما كان سيحدث لو أنني كنت في مثل هذا الوضع. نحن في حرب صعبة ضد حماس، وهم في حرب ضد الحكومة التي تقاتل حماس وأعداء إسرائيل. هم يضرون بأمن إسرائيل من خلال عرقلة تعيين رئيس الشاباك. لا يمكن أن يستمر هذا، يجب تعيين رئيس الشاباك كما يُعيّن مفوض الخدمة المدنية. منذ 75 عامًا لم تكن هناك توجيهات كهذه – والآن فجأة تظهر؟ هذا تمثيل. حكومة إسرائيل برئاستي ستعيّن رئيس الشاباك، فهذا أمر حيوي لأمننا – وسنفعل ذلك”.
ردود على أسئلة الصحفيين
“العقوبات عار”
وعند سؤاله من قبل صحيفة “معاريف” عمّا إذا كان مستعدًا للعقوبات التي تهدد بها الدول الأوروبية، رد نتنياهو مهاجمًا:
“الدول الأوروبية لن تؤثر علينا ولن تدفعنا للتخلي عن أهدافنا في الحرب. هذا بالضبط ما يريده حماس – فرض قرار دولي وفرض عقوبات على إسرائيل كي توقف الحرب. هذا شرط طفولي. سنواصل ما يجب فعله لإنجاز المهمة. الأوروبيون قالوا لنا: لا تدخلوا رفح، لا تفعلوا كذا وكذا – وفعلنا ما كان ضروريًا. العقوبات التي فرضتها بريطانيا على دانييلا فايس ومستوطِنين آخرين هي عار. إنهم يرضخون لضغط المسلمين. من العار أن تفرض بريطانيا عقوبات على امرأة تُهدّد يوميًا في طرقات الضفة الغربية، بدلًا من فرضها على حماس. هذه دول تُبتز من قبل أغلبية إسلامية”.
“كيف تضمن لي أن متان لن يُقتل في الأسر؟”
وفي لحظة مؤثرة، نقلت الصحفية عيناف تسنجوكر، والدة الأسير متان تسنجوكر، رسالة عبر الصحفيين الحاضرين، قالت فيها:
“أرجو من أي صحفي موجود في المؤتمر أن يسأل رئيس الوزراء: هل أنت مدرك لتدهور حالة ابني متان، الذي يُحتجز في نفق وهو مريض بضمور عضلي؟ كيف تضمن لي أنه لن يُقتل في الأسر بسبب المرض أو بسبب التوغل البري كما حدث لـ41 أسيرًا آخرين كانوا أحياء وماتوا بسبب الحرب؟”
ورد نتنياهو قائلاً: “التقيت بعيناف وتحدثت معها، وأتفاجأ من السؤال، لأنها تعلم أنني على علم بحالة ابنها. أنا لم أرفض تلقي تقارير، بل أطلبها باستمرار وأحصل عليها من خلال غال هيرش ومن خلال الطاقم الخاص”.
حول “قطر-غيت”
وسُئل نتنياهو عن ضلوع موظفين من مكتبه في فضيحة “قطر-غيت”، فأجاب:
“لم أكن أعرف شيئًا، وحتى الآن لا أعرف. ما أعلمه هو أن هناك كذبة كبيرة. يدّعون أنني حصلت على أموال طائلة من قطر. لم أتلقَ حتى شيكلًا واحدًا، ومن يقول ذلك سيتم مقاضاته. كيف يمكن أن يقال إن هذا المال أثر على موقفي؟ لقد هاجمت قطر، وهم هاجموني – ليس فقط في اجتماعات الكابينيت، بل في وسائل الإعلام. بينما موظفون من الشاباك وجهات أخرى أثنوا على قطر”.
مضمون الخطاب الكامل
في مستهل خطابه، تطرّق نتنياهو إلى الحرب في غزة وأعلن عن شروط إنهائها، قائلًا:
“حرب التحرير هذه مؤلمة وتكلّفنا الكثير، لكن لها هدف: القضاء على حماس، إعادة أسرانا، وضمان ألا تعود غزة تهديدًا. الأهداف مترابطة، ونحن ملتزمون بتحقيقها بالكامل. حققنا الكثير، لكن المهمة لم تكتمل بعد. لدينا خطة واضحة. بدأنا في غزة، وقتلنا عشرات آلاف المسلحين، منهم ديف، هنية، السنوار وربما محمد السنوار. من هاجمنا بهذه الوحشية يدرك حجم الدمار الذي جلبه على نفسه”.
وأضاف: “أعدنا حتى الآن 197 أسيرًا، بينهم 148 أسرى أحياء. تبقى 20 آخرون أحياء – وسنعيدهم جميعًا. بعد أن حطمنا العدو في الجنوب، واجهنا ضغوطًا دولية ومحلية هائلة لوقف الحرب. تصدينا لها. دخلنا رفح، قطعنا خط الإمداد التابع لحماس، ومن هناك انتقلنا إلى الشمال – إلى لبنان. عملية الجرارات الجريئة لم يسبق لها مثيل. ضربنا آلافًا من عناصر حزب الله، قضينا على معظم قيادته، وعلى نصر الله وخليفته. دمرنا أغلب مخازن الصواريخ وسحقنا قرى الإرهاب وأزلنا خطر الغزو. نطبّق وقف إطلاق النار بقبضة من حديد – الوضع ليس كما كان. لم تعد هناك تسريبات – الجيش الإسرائيلي يفرض النظام بقوة وبشكل ممتاز”.
وفي سياق حديثه عن إيران والتغيّرات في الشرق الأوسط، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: “عملياتنا في لبنان أدّت إلى سقوط نظام الأسد في سوريا. أودّ أن أقول إن إيران لا تزال تشكّل تهديدًا خطيرًا جدًا على إسرائيل. نحن على تنسيق كامل مع الولايات المتحدة، ونتحدث معهم باستمرار. نأمل – إذا أمكن التوصّل إلى اتفاق يمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، ويمنعها من تخصيب اليورانيوم – أن نبارك ذلك، ولكن في كل الأحوال، تحتفظ دولة إسرائيل بحقها في الدفاع عن نفسها”.
وتابع: “لم نُكمل بعد مهمتنا، عملية ‘مركبات جدعون’ تهدف إلى استكمال الحرب. أطلب منكم شيئًا واحدًا: اسألوا سكان نتيفوت، سديروت، ومحيط غزة. إنهم لا يرتعدون من صواريخ حماس، بل من غارات الجيش الإسرائيلي. جميع أراضي قطاع غزة ستكون تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، وسيُهزم حماس بالكامل”.
وأشار رئيس الحكومة إلى أنّه “للحفاظ على حرية العمل، علينا منع حدوث أزمة إنسانية. أصدقاؤنا الحقيقيون يقولون لنا: نقدم لكم دعمًا كاملًا، نرسل الأسلحة، ندعم مجلس الأمن القومي، لكن هناك شيء واحد لا يمكننا قبوله – لا يمكننا القبول بحدوث أزمة إنسانية. لكننا جميعًا نعلم أن حماس تنهب جزءًا كبيرًا من المساعدات، وتبيع الباقي بأسعار باهظة. نحن نقوم بالتصفية، وهم يجمعون الأموال عبر المساعدات الإنسانية”.
وأوضح: “لمنع ذلك، طورنا مع الولايات المتحدة خطة بديلة لتوزيع الغذاء الأساسي دون أن يصل إلى حماس. المرحلة الأولى إدخال الغذاء الأساسي الآن إلى غزة لمنع الأزمة الإنسانية. المرحلة الثانية إنشاء نقاط توزيع غذاء بإدارة أمريكية، وبحماية الجيش الإسرائيلي. سنقيم منطقة معقمة جنوب القطاع، خالية من حماس، يتلقى فيها سكان غزة كافة المساعدات. هناك من يقول: كفى، أنهوا الحرب. لدي أخبار: أنا مستعد لإنهاء الحرب ولكن بشروط واضحة تضمن أمن إسرائيل: عودة جميع الرهائن، إنهاء حكم حماس، نزع السلاح بالكامل، وسننفذ خطة ترامب. إنها خطة صحيحة وثورية: سكان غزة الذين يرغبون في المغادرة – سيسمح لهم بذلك. كل من يدعو لوقف القتال يدعو فعليًا للإبقاء على حماس في الحكم، وهذا يعني أن كل التضحيات والاستثمارات ستذهب سدى. سنواجه المزيد من عمليات الاختطاف، القتل، الاغتصاب، وحرق الأطفال”.
كما تطرّق لاحقًا إلى تصريح رئيس حزب الديمقراطيين، يائير جولان، الذي قال إن “دولة عاقلة لا تقتل الأطفال كهواية”، ما أثار عاصفة سياسية. وردّ نتنياهو: “لقد صُدمت من كلامه. في وقت يقاتل فيه جنودنا للدفاع عنا، يقول كلامًا لا يستطيع قوله سوى أسوأ المعادين للسامية. من يقتل الأطفال كهواية هو حماس. الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم. بدلًا من الدفاع عن الجنود، هناك من يدافع عن يائير جولان. قال ما قاله بدوافع سياسية، فقط للإطاحة بالحكومة، وهم على استعداد لفعل أي شيء لذلك – حتى إحراق النادي والخسارة في الحرب. أغلب مواطني إسرائيل يرفضون هذا الكلام بشدة. أنا ألتقي الجنود، الجرحى، العائلات الثكلى. يقولون لي: ‘بيبي، نحن هنا معك حتى النصر. لا تتوقف’. وسننتصر معًا”.
وفي وقت سابق من اليوم، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية (بغ”تس) بأن إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، تمّت بإجراء غير سليم ووسط تضارب مصالح. وأكد رئيس المحكمة، يتسحاق عميت، في مستهل الحكم، أن إعلان رئيس الشاباك عزمه الاستقالة لا يُلغي الحاجة إلى الفصل في النزاع القائم بين الأطراف، معتبرًا أن قرار إنهاء ولايته – كونه أحد كبار مسؤولي الخدمة العامة السبعة – يخضع لموافقة لجنة التعيينات الاستشارية، ويثير تساؤلات جوهرية حول قانونية هذا الإجراء غير المسبوق، واستقلالية جهاز الأمن العام، وحُسن أدائه ومهنيته.
وأضاف أن رئيس الوزراء كان في حالة تضارب مصالح وقت اتخاذ القرار، بالنظر إلى التحقيقات الجارية مع مقربين منه في قضية تسريب الوثائق السرية وقضية التمويل القطري، لا سيما وأن رئيس الوزراء صرّح بنفسه أكثر من مرة بأن هذه التحقيقات قد تؤثر على وضعه السياسي والشخصي.
وفي أعقاب الحكم، صرّحت المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف-ميارا، قائلة: “المحكمة العليا قضت بأن رئيس الوزراء تصرّف في حالة تضارب مصالح، ولذلك يجب عليه الامتناع عن أي خطوة تتعلق بتعيين رئيس جديد لجهاز الشاباك إلى حين بلورة تعليمات قانونية تضمن سلامة الإجراء. سيتم إعداد التعليمات خلال الأيام القريبة”.
وأضافت: “في حكم المحكمة بشأن إنهاء ولاية رئيس الشاباك، تقرر أن قرارك عرض القضية على الحكومة تم اتخاذه في وضعية تضارب مصالح، وكان من الواجب عليك الامتناع عن أي تدخل في هذه المسألة”. وتابعت: “في هذا الوضع، وبناء على مجمل الظروف، يجب عليك الامتناع عن اتخاذ أي إجراء يتعلق بتعيين رئيس دائم أو مؤقت لجهاز الشاباك، وذلك إلى حين استكمال الفحص القانوني ودراسة الحكم وتطبيقه على المعطيات الراهنة”.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو rwaqmedia@gmail.com حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)