اكتظاظ الصفوف والرواتب المتدنية والتسرب: تقرير صادم يكشف صورة قاتمة للتعليم في إسرائيل

أصدر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) هذا الأسبوع تقريرًا شاملاً حول وضع التعليم في إسرائيل، كشف فيه صورة معقدة تجمع بين مستويات استثمار مرتفعة في التعليم وبين تحديات خطيرة تتعلق بالاكتظاظ، تراجع التحصيل، وأزمة في استبقاء المعلمين.
وبحسب التقرير، فإن الطلاب في إسرائيل يتعلمون في الصفوف الأكثر اكتظاظًا بين جميع الدول المتقدمة، حيث يبلغ متوسط عدد الطلاب في المرحلة الابتدائية 27.4 طالبًا في الصف – أي أعلى بنحو 33% من المتوسط في دول الـOECD. أما في المرحلة الإعدادية فيصل المتوسط إلى 30.1 طالبًا مقارنة بـ23 في المعدل الدولي. ذلك بالرغم من أن نسبة الطلاب لكل معلم في إسرائيل تُعتبر منخفضة نسبيًا مقارنة بدول أخرى، ما يكشف خللاً في توزيع القوى العاملة التعليمية.
التقرير أشار كذلك إلى أن تحصيل الطلاب في إسرائيل أقل من المعدل الدولي، كما أن مستويات عدم المساواة بين الطلاب مرتفعة، الأمر الذي يعكس فجوات كبيرة في جودة التعليم بين الشرائح الاجتماعية.
من جانب آخر، ورغم أن إسرائيل تُسجل معدلات استثمار عالية في التعليم، ويقضي طلابها أيامًا أكثر في الدراسة ويخضعون لـعدد ساعات تعليمية أعلى من نظرائهم في دول أخرى، فإن أجور المعلمين السنوية تبقى أقل من معظم دول الـOECD. في المقابل، أوضح التقرير أن أجور المعلمين في إسرائيل لكل ساعة تعليمية تُعد مرتفعة نسبيًا، ويُعزى ذلك – بحسب البروفيسور داني بن دافيد، رئيس معهد “شورش” للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية – إلى أن الكثير من المعلمين يعملون بدوام جزئي.
التقرير كشف أيضًا عن فجوة كبيرة بين أجور المعلمين وأعضاء السلك الأكاديمي الجامعي، إذ يتقاضى أساتذة الجامعات في إسرائيل ما يقارب ضعف راتب المعلمين، في حين أن الفجوة في معظم دول الـOECD تتراوح بين 17% و51% فقط.
الأوضاع الصعبة في الصفوف انعكست على أزمة استمرارية الكادر التعليمي، إذ أظهر التقرير أن 70% إلى 80% من المعلمين الذين يستقيلون في إسرائيل يفعلون ذلك خلال السنوات الخمس الأولى من عملهم، وهو ما يعكس فشل النظام في استبقاء المعلمين الجدد.
وتحدث التقرير عن ظاهرة متنامية خلال العقد الأخير، حيث ارتفع عدد المعلمات اللواتي يدرسن فصلين كاملين في آن واحد من 117 إلى 350، أي أن هناك حالات تُدير فيها معلمة واحدة تعليم نحو 68 طالبًا، ما يفاقم من مشكلات الاكتظاظ.
من زاوية أخرى، أوضح التقرير أن إسرائيل تستثمر كثيرًا في التعليم بسبب ارتفاع معدلات الولادة مقارنة بباقي الدول المتقدمة، إذ يبلغ معدل الولادة فيها ضعف متوسط الـOECD. لكن عند فحص الاستثمار لكل طالب يتبين أن إسرائيل في مرتبة متدنية نسبيًا، خصوصًا في مرحلة الطفولة المبكرة، وهي مرحلة يعتبرها الخبراء حاسمة لتطور الأطفال. وأشار التقرير إلى أن التخفيض الأخير في موازنة التعليم بسبب الحرب طال هذه المرحلة بالذات، مما أدى إلى تقليص برامج التدريب والإشراف على الحضانات.
التقرير سجل أيضًا أن إسرائيل تُعد من الدول الرائدة في نسبة الأطفال دون سن الثالثة الملتحقين ببرامج تعليمية، حيث تبلغ النسبة 58.2%، أي ضعف المعدل الدولي. لكنها ميزة نسبية مرتبطة بعوامل أخرى، مثل قصر إجازة الولادة وارتفاع نسبة تشغيل الأمهات، ما يدفع الأطفال لقضاء 5-6 أيام كاملة أسبوعيًا في الحضانات، خلافًا لبلدان أوروبية تعتمد أنماط حضور جزئية.
مع ذلك، لم يجد التقرير في إسرائيل، على عكس معظم الأبحاث العالمية، صلة إيجابية بين الالتحاق المبكر بالمؤسسات التعليمية والتحصيل لاحقًا، وأرجع ذلك إلى ضعف جودة الحضانات، بسبب كوادر أقل تدريبًا، رواتب منخفضة، واكتظاظ مرتفع.
وفي تعليق على النتائج، قال وزير التعليم الإسرائيلي، يوآف كيش، إن التقرير يعكس “صورة مركبة ومعروفة”، موضحًا أن إسرائيل بالفعل تستثمر بكثافة في التعليم وتتصدر من حيث عدد أيام الدراسة، لكنها ما زالت تواجه تحديات مثل الاكتظاظ وتآكل مكانة المعلم. وأعلن أن الوزارة تعمل مع وزارتي المالية ورئاسة الحكومة على إعادة فحص نموذج التوظيف وتقليص حجم الصفوف.
أما مدير عام وزارة التعليم، مئير شمعوني، فقال إن “الاستثمار المالي مهم لكنه ليس كافيًا”، مشددًا على أن ما يحدد الجودة فعليًا هو عدد الطلاب في الصف الواحد، الوقت المتاح لكل تلميذ، والدعم الممنوح للمعلم. وأضاف أن الوزارة تبلور خطة شاملة لتخفيف الأعباء ودعم الطواقم التعليمية.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو rwaqmedia@gmail.com حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)