نتنياهو نفى أي علاقة بالحادثة .. مسؤول عسكري أمريكي بارز: مقتل كيرك نقطة تحوّل فارقة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية

في لقاء مطوّل نُشر على موقع “يوتيوب”، قدّم البروفيسور الأمريكي جون ميرشايمر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة واشنطن، تحليلا واسعا لأبرز القضايا التي تشغل الولايات المتحدة اليوم. وجاء حديثه ليكشف عن تشابك الملفات الداخلية والخارجية، من مقتل الناشط الأمريكي تشارلي كيرك، إلى التحولات الإقليمية في الشرق الأوسط، مرورا بتقييمه لسياسات الرئيس دونالد ترامب، وانتهاءً بتشخيصه لمستقبل الديمقراطية الأمريكية.

مقتل تشارلي كيرك وتداعياته على إسرائيل

اعتبر ميرشايمر أن مقتل الناشط الأمريكي تشارلي كيرك يمثل نقطة تحوّل فارقة في العلاقات الأمريكية–الإسرائيلية، وأشار إلى أن سرعة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نفي أي علاقة لإسرائيل بالحادثة، حتى قبل القبض على القاتل، تعكس السمعة السيئة لإسرائيل في تنفيذ الاغتيالات حول العالم. وأوضح أن الحادثة أعادت إلى السطح نظريات مؤامرة قديمة تربط إسرائيل بأحداث كبرى مثل اغتيال جون كينيدي وأحداث 11 سبتمبر. وأكد أن السبب الجوهري لهذه الشكوك هو التحوّل المفاجئ في موقف كيرك الذي انتقل من داعم قوي لإسرائيل إلى ناقد حاد لها. وكشف أن تقارير صحفية، أبرزها لماكس بلومنتال، أفادت بأن كيرك رفض عرضا ماليا ضخما وصل إلى 150 مليون دولار مقابل تبني خطاب مؤيد لنتنياهو، وأنه صارح أصدقاءه قبل مقتله بأنه يخشى على حياته. ورأى أن خطاب نتنياهو الذي حاول فيه تصوير كيرك كـ”صديق عظيم لإسرائيل” كان مجرد محاولة للتغطية على هذا التحول.

تحولات جيوسياسية في الشرق الأوسط

انتقل ميرشايمر للحديث عن التغيرات الاستراتيجية في المنطقة، مشيرًا إلى الاتفاقية الأمنية الجديدة بين السعودية وباكستان التي تنص على الدفاع المشترك، بحيث يُعد أي هجوم على إحداهما هجومًا على الأخرى. واعتبر أن هذا التطور يعكس تراجع الثقة السعودية بالولايات المتحدة بعد أحداث 7 أكتوبر والدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل. وأكد أن دخول قوة نووية مثل باكستان في هذا التحالف يبدل موازين القوى في المنطقة، ويشكّل ضربة لمصالح واشنطن التقليدية.

انتقادات لسياسات ترامب

شن ميرشايمر هجومًا لاذعًا على سياسات الرئيس دونالد ترامب، واصفًا بعضها بـ”الحمقاء” التي أضرّت بالمصالح الأمريكية. وأوضح أن قرار فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الهند بسبب استيرادها النفط الروسي كان قرارًا فاشلًا دفع نيودلهي للتقارب أكثر مع موسكو وبكين. وفي ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، اعتبر ميرشايمر أن النزاع لن يُحسم عبر المفاوضات، بل على أرض المعركة، لأن الفجوة بين الطرفين عميقة للغاية. وأضاف أن ترامب يدرك هذه الحقيقة ويحاول بذكاء أن يتجنب تحمّل المسؤولية عن أي هزيمة أوكرانية. كما انتقد محاولات ترامب لتقييد ما يسمى بخطاب الكراهية، معتبرًا ذلك انتهاكًا مباشرًا للدستور الأمريكي الذي يحمي حتى أكثر أشكال التعبير تطرفًا مثل مسيرات النازيين أو حرق العلم الأمريكي.

تراجع الديمقراطية في الولايات المتحدة

أبدى ميرشايمر تشاؤمًا عميقًا إزاء مستقبل الديمقراطية الأمريكية، مؤكدًا أنها تواجه خطرًا حقيقيًا. وأوضح أن هيمنة “طبقة المانحين” على العملية الانتخابية جعلت الانتخابات خاضعة للمصالح المالية بدلًا من الإرادة الشعبية. وأشار إلى وجود فجوة واسعة بين الرأي العام والسياسات الرسمية، خصوصًا في الملف الفلسطيني، حيث يرى نحو نصف الأمريكيين أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، بينما تواصل الحكومة دعمها غير المشروط لتل أبيب بفعل ضغوط اللوبي الإسرائيلي. كما حذّر من تراجع الحريات المدنية في الجامعات، حيث تُستخدم تهمة “معاداة السامية” لقمع الأصوات المنتقدة لسياسات إسرائيل، إلى جانب قرارات قضائية وسّعت من صلاحيات الشرطة بشكل يتعارض مع الدستور.

نفوذ اللوبي الإسرائيلي وتداعياته

اختتم ميرشايمر تحليله بالتأكيد على أن اللوبي الإسرائيلي يلعب دورًا تخريبيًا داخل الولايات المتحدة من خلال محاولاته المتواصلة لإسكات أي نقد لإسرائيل. وأوضح أن هذا النفوذ يتعاظم مع استمرار ما وصفه بـ”السلوك الوحشي” لإسرائيل في غزة والضفة الغربية، مشيرًا إلى أن هذا الوضع لا يهدد فقط صورة أمريكا عالميًا، بل يقوّض أيضًا القيم الليبرالية التي قامت عليها.