6 دول عربية كثفت التعاون العسكري سريا مع “إسرائيل” خلال الحرب على غزة

كشفت وثائق أمريكية مسربة حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) ونشرتها صحيفة واشنطن بوست، عن أن عددا من الدول العربية وسعت تعاونها العسكري والاستخباراتي مع إسرائيل خلال حرب غزة، رغم إداناتها العلنية للحرب واتهامها تل أبيب بارتكاب إبادة جماعية.
وتُظهر الوثائق أن الولايات المتحدة لعبت دور الوسيط الرئيسي في هذا التعاون، الذي شمل ست دول عربية هي: البحرين، مصر، الأردن، السعودية، قطر، والإمارات، بينما وُصفت الكويت وعُمان بأنهما “شريكتان محتملتان” في هذا الإطار الأمني. وجرت اجتماعات تنسيقية في المنامة والقاهرة وعمان والدوحة خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
تعاون عسكري خلف الأبواب المغلقةوفقا للوثائق، فإن التعاون بين إسرائيل وهذه الدول تم تحت مظلة ما يُعرف باسم “البنية الأمنية الإقليمية” (Regional Security Construct) التي أسسها القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، وهدفها مواجهة التهديدات الإيرانية، لا سيما الصواريخ والطائرات المسيرة.
ورغم أن المشاركين حرصوا على إبقاء الاجتماعات “سرية بالكامل”، فإن الوثائق تشير إلى أن ضباطا كبارا من إسرائيل ودول عربية شاركوا في تدريبات مشتركة في قاعدة العديد الجوية بقطر في مايو 2024، وهي منشأة عسكرية أمريكية ضخمة.
وتُظهر وثيقة تخطيطية أن الوفد الإسرائيلي وصل مباشرة إلى القاعدة الجوية عبر رحلات عسكرية خاصة، لتجنب المرور بالمطارات المدنية القطرية خشية انكشاف الأمر.
الضربة الإسرائيلية لقطر وتداعياتهالكن هذا التعاون تعرض لهزة كبيرة بعد الضربة الجوية الإسرائيلية على الدوحة في 9 سبتمبر 2024، التي استهدفت قيادات من حركة حماس. وأشارت الوثائق إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قدم اعتذارا رسميا لقطر في 29 سبتمبر بعد ضغوط من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، متعهدا بعدم تكرار مثل هذه الهجمات مستقبلا.
وأوضحت الوثائق أن الخطر الإيراني كان الدافع المركزي وراء هذا التقارب، إذ وُصفت طهران والميليشيات الموالية لها في إحدى العروض الأمريكية بأنها “محور الشر”، مع خرائط تُظهر مواقع صواريخ إيرانية في غزة واليمن.
التعاون الأمني والتدريبات المشتركةمن بين الاجتماعات البارزة التي كُشف عنها اجتماعٌ عُقد في يناير 2025 بقاعدة فورت كامبل في ولاية كنتاكي الأمريكية، حيث خضع ضباط من ست دول عربية لتدريبات أمريكية حول رصد وتدمير الأنفاق تحت الأرض — وهو التكتيك الذي استخدمته حماس في مواجهاتها مع الجيش الإسرائيلي في غزة.
كما نفذ ضباط من هذه الدول تمارين استخبارية لتبادل المعلومات حول إيران وحلفائها، وشاركوا في تخطيط عمليات “حرب معلومات” تهدف إلى مواجهة الرواية الإيرانية حول كونها “حامية الفلسطينيين”.
التناقض بين المواقف العلنية والسريةرغم هذا التعاون العسكري، هاجمت معظم الدول العربية المشاركة إسرائيل علنا خلال الحرب. ففي الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، وصف أمير قطر ما يجري في غزة بأنه “حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني”، فيما اتهمت السعودية إسرائيل بارتكاب “تجويع وتطهير عرقي” بحق الفلسطينيين.
وتنص الوثائق على أن هذا التعاون “لا يشكل تحالفا رسميا جديدا”، وأن الاجتماعات تُعقد “بسرية تامة” لتجنب الإحراج السياسي.
وقال إميل حُكيم، مدير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن، إن واشنطن تأمل منذ سنوات أن تؤدي الشراكة العسكرية إلى تطبيع سياسي بين إسرائيل والدول العربية، لكنه حذر من أن الضربة الإسرائيلية لقطر “قوضت الثقة بشكل خطير”.
الولايات المتحدة والقيادة المشتركة[/highlight]الوثائق المسربة، التي تتضمن خمسة عروض تقديمية من القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، تؤكد أن المشروع الأمني كان يهدف إلى تشكيل شبكة دفاع جوي إقليمي ضد الصواريخ الإيرانية.
فبحلول عام 2024، نجحت سنتكوم في ربط أنظمة الرادار في إسرائيل والدول العربية لتبادل البيانات الجوية بشكل مباشر، مما أتاح رؤية موحدة للأجواء عبر الشرق الأوسط.
لكن النظام لم يتمكن من رصد الهجوم الإسرائيلي على قطر، إذ قال الجنرال الأمريكي ديريك فرانس إن الأنظمة الأمريكية “تركز على إيران ومناطق أخرى يُتوقع منها تهديد”، مما جعل الضربة الإسرائيلية تمر دون إنذار مبكر.
[highlight color="red"]خطط مستقبلية للتعاون السيبراني
كشفت الوثائق أيضا عن خطط أمريكية لإنشاء “مركز الشرق الأوسط المشترك للأمن السيبراني” بحلول عام 2026، إضافة إلى “مركز دمج المعلومات” لتنسيق العمليات الإلكترونية والدعائية بين إسرائيل وشركائها العرب.
وشاركت السعودية بفاعلية في التعاون، حيث تبادلت المعلومات الاستخباراتية مع إسرائيل ودول عربية أخرى حول الوضع في سوريا واليمن والأنشطة الإيرانية في المنطقة.
دور محتمل في مراقبة وقف إطلاق النارتزامن تسريب الوثائق مع إعلان اتفاق مبدئي للسلام بين إسرائيل وحماس يتضمن إطلاق جميع الرهائن وانسحابا جزئيا للجيش الإسرائيلي من غزة. وأكدت واشنطن أن 200 جندي أمريكي سيصلون إلى إسرائيل للمساعدة في تنفيذ الاتفاق، إلى جانب قوات من بعض الدول العربية المشاركة في التعاون الأمني.
ويرى محللون أن الدول الخليجية قد تساهم ماليا ودبلوماسيا في إدارة غزة بعد الحرب، لكنها لن تنشر قواتها العسكرية في ظل التعقيدات السياسية والمخاطر الأمنية.
وقال الخبير الكندي توماس جونو إن “الدول الخليجية قلقة من تصرفات إسرائيل غير المقيدة، لكنها في الوقت نفسه تعتمد على واشنطن كضامن لأمنها، وتخشى من تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة”.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو rwaqmedia@gmail.com حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)