آخر الأخبارمحليةمقال ورأي
د.سمير محاميد : أم الفحم؛ مدينة التربية، الحلم والمستقبل

كتب: د.سمير محاميد – رئيس بلدية أم الفحم
إلى أهلي في بلدي
أول أمس الأربعاء استقبلنا بفخرٍ واعتزازٍ وفدَ لجنةِ جائزة التربية والتعليم القطرية، برفقة مديرة لواء حيفا في وزارة المعارف، وذلك في إطار فحص ترشيح جناح التربية والتعليم في البلدية لجائزة التربية القطرية للعام الدراسي الحالي 2024/2025 תשפ”ה. كانت الجولة للوفد الضيف من المعارف بمثابة شهادة حيّة على مسيرة طويلة من العمل التربوي الشامل، الذي تبنيناه في البلدية مع كافة شركائنا، واضعين الإنسان الفحماوي – منذ نعومة أظفاره – في قلب الرؤية وتنفيذ وتطبيق هذه الرؤيا.
إنّ جهازَ التربية والتعليم في أم الفحم ليس مجرّد منظومة تعليمية، بل هو مشروع إنساني، اجتماعي وأخلاقي، ينبع من إيمان عميق بأنّ لكل طفل وطفلة في بلدنا حقًا في الاحتواء والاحتضان، في التقدّم والتطور، في التميز والإبداع، وفوق كل ذلك في تحقيق الذات.
قسم التربية للفرد טיפול בפרט، الذي اسسّه جناح التربية والتعليم، هو تعبير عن هذا الإيمان؛ هذا القسم لا يكتفي بدعم الطلاب الذين يواجهون تحديات، بل يوفّر مرافقة شاملة للطالب، للأسرة، وللطاقم التربوي، بهدف خلق بيئة حاضنة وداعمة لكل من يحتاجها، دون وصمة ودون تمييز. يضاف إلى ذلك موضوع الحصانة الذي تقدمه البلدية للطواقم المختلفة في المدارس.
وفي المقابل، قمنا ببناءِ قسم للتميّز؛ ليس فقط للطلاب المتفوقين، بل لكلّ من لديه موهبة، فضول، إبداع، أو دافع للتطور، خاصة في مجال الهايتك الذي هو ضمن أولوياتنا في عالم التكنولوجيا الحديث. فالتميّز في نظرنا ليس رقمًا في الشهادة، بل قدرة على التفكير النقدي، المبادرة، والتأثير. نحن نزرع التميّز في كل طفل منذ جيل الروضة، ونرافقه عبر مراحل التعليم المختلفة.
التعليم اللامنهجي في أم الفحم هو قصة نجاح بحدّ ذاته؛ من خلال برامج “تحديّات”، الحركات الشبابية، أطر التطوع والمبادرات الاجتماعية، أصبح هذا المسار الرافعة الأساسية لبناء القيادة الشابة، وتوسيع آفاق الطلبة، ومنحهم مساحة للتعبير عن أنفسهم والانخراط الفاعل في المجتمع.
ولأنّ البدايات تحدد الكثير، فإنّ رعايتنا للطفولة المبكرة تأخذ حيّزًا مركزيًا في رؤيتنا. نحن نرافق المربيات والداعمات التربويات، نطوّر بيئات التعلّم في الحضانات ورياض الأطفال، ندرّب، نتابع، نرافق وندعم، لأننا نؤمن أنّ السنوات الأولى هي الأساس لشخصية الطفل، لثقته بنفسه، ولنظرته للعالم.
كل هذا لا يمكن أن يتحقّقَ دون عمل جماعي وتعاون عميق وشراكة كبيرة داخل البلدية بجميع اقسامها وخصوصًا جناح المعارف، المدارس، المعلمون والمعلمات، أهالي الطلاب، شركاء المجتمع المدني، والمتطوعون. نحن لا نعمل في جزيرة منعزلة ونائية، بل ضمن نسيج إنساني واجتماعي متكامل، يضع التربية والتعليم في صدارة الأولويات.
فيما يلي بعض الاقتباسات التي عبّر عنها المسؤولون الذين حضروا وشاركوا في لجنة الجائزة القطرية، فقد قالت مديرة لواء حيفا السيدة سيچال كوهين خلال مشاركتها وحضورها ورؤيتها للعمل التربوي في بلدية ام الفحم: “ما شاهدناه في أم الفحم هو رؤية متكاملة تجمع بين المعرفة والقِيَم، بين الرعاية الفردية والانتماء الجماعي، وتؤدي إلى بناء مجتمع قوي، متماسك ومتعلم”. فيما أوضحت رئيسة لجنة الجائزة، إينا زلتسمان: “في أم الفحم لا يكتفون بالحديث عن التحديّات، بل يعملون بجدية للتغلب عليها وتحويلها إلى فرص نجاح حقيقية”.
هذا هو عهدنا، وهذه هي رسالتنا: تربية الإنسان، نحو المستقبل، ونحو مجتمع يفتخر بأبنائه وبناته. وكما قال الإمام الغزالي: “وقلبه الطاهر جوهرة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل نقش”.
الشكر الجزيل والكبير لكافة الطواقم الذين عملوا كخليّة نحل وعلى مدار الساعة للتحضير والتجهيز لاستقبال وفد لجنة الجائزة وعرض المنجزات والمنتجات التربوية في بلدنا ام الفحم، الشكر لكافة الأقسام في بلدية ام الفحم وعلى رأسهم جناح المعارف بإدارة د.محمود زهدي، لكافة الهيئات والطواقم التدريسية في كافة المؤسسات التربوية في المدينة، لكافة الطلاب والطالبات من جيل الطفولة المبكرة حتى المدارس الثانوية، لكافة أولياء الأمور ولجان أولياء الأمور المحلية والمدرسية، لطاقم التفتيش والمسؤولين في لواء حيفا الذين حضروا وشاهدوا عن قرب العملية التربوية – التعليمية، الشكر موصول أيضا لطاقم مركز الخوارزمي متعدد المجالات الذي استضاف هذا الحدث الكبير.
معًا نواصل البناء، نزرع الأمل، ونُربي أجيالاً تصنع الغد والمستقبل. مع قناعتنا وايماننا بأنّ ام الفحم تستحق الجائزة لهذا العام، وبانتظار تقرير لجنة الجائزة خلال الأسابيع القادمة.
*من الدنمارك إلى أم الفحم – دروس خضراء لحياة أفضل*
في زيارتي الأخيرة إلى الدنمارك، وهي من الدول الرائدة عالميًا في مجالات الطاقة الخضراء والحفاظ على البيئة، لمْ أكنْ مجردَ زائرٍ يشاهد ويُعجب، بل كنت أقارن، أفكر، وأتخيل كيف يمكن لنا – نحن في أم الفحم – أن نتعلمَ ونطبقَ هذه القيم الجميلة في حياتنا اليومية.
في شوارع كوبنهاغن ومدن أخرى في الدنمارك، رأيت مشاهدَ بسيطةً ولكنها تحملُ رسائلَ قويةً: دراجات هوائية ومواصلات عامة بدلًا من استعمال السيارات الخاصة، نظافة تامة دون وجود عمال نظافة في كل زاوية، أطفال يفرزون النفايات في رياض الأطفال، لا ضجيج، لا فوضى، ولا لامبالاة. كل شيء يوحي بأنّ الناسَ هناك يرون في الحيّز العام بيتهم الثاني.
وأجمل ما في الأمر، أنّ كلَّ ما رأيته قابل للتطبيق لدينا أيضًا، نعم، في أم الفحم. ولهذا أشارككم اليوم هذه النقاط الخمس البسيطة والعملية، علّنا نبدأ سويًا مسارًا جديدًا من الوعي والعمل نحو أم الفحم خضراء، نظيفة، وهادئة:
1. *استبدال السيارة الخاصة بالمشي أو الدراجة الهوائية في الدنمارك:* الناس يستخدمون الدراجةَ الهوائيةَ بشكل أساسي او المواصلات العامة في طريقهم للعمل، للمدرسة، أو حتى للتسوّق.
*في أم الفحم:*
• دعونا نُقلّل من استعمال السيارة الخاصة لمسافات قصيرة. ففي ذلك توفير ورياضة.
• نُشجع أولادنا على الذهاب مشيًا او في المواصلات العامة إلى المدرسة بدلًا من التوصيل اليومي لهم.
• بعد مسار المشي في منتزه وملعب الباطن سنُخطط وننفذ مسارات مشي أخرى. سنقوم بافتتاح ممشى الظهر قريبًا ونحن في طور التخطيط لمسارات للدراجات الهوائية في منتزه الظهر.
2. *فرز وفصل النفايات من المصدر*
*في الدنمارك:* كل بيت وكل مؤسسة تفرز وتفصل النفايات بحسب النوع – كرتون، بلاستيك، نفايات عضوية.
*في أم الفحم:*
• من الممكن أن نبدأ بخطوة بسيطة: نحافظ على النظافة في المحيط القريب من بيتي والمحيط الذي نعيش ونعمل به.
• نفرز ونفصل الزجاج، البلاستيك والكرتون في أكياس منفصلة.
• نُعلّم أطفالنا الفرق بين النفايات القابلة لإعادة التدوير وتلك التي لا تُستعمل.
• نطالب بوضع حاويات فرز في أحيائنا، وسنقوم بذلك بشكل تدريجي.
3. *الحفاظ على نظافة الحيّز العام*
*في الدنمارك:* من النادر أن ترى ورقة او نفايات ملقاة على الأرض. ليس لأن هناك رقابة وتفتيشًا، بل هو سيرورة عمل استمرت عشرات السنوات، ونحن أولى بتطبيق هذا النموذج، فهو شيء أساسي من ديننا.
*في أم الفحم:*
• كل واحد منّا مسؤول. لا نرمي النفايات في الشوارع، لا نترك مخلفاتنا بعد نزهة.
• نُنبّه أولادنا وأقاربنا: الشارع والمدرسة هما بيتنا الثاني.
• إذا رأينا أحدًا يلوّث، نُذكّره بلطف وباحترام.
• لقد انعم الله علينا بكثير من المنتزهات: لنحافظ عليها حتى نسهل عملية الصيانة.
4. *الاحترام يعني تقليل الضجيج*
*في الدنمارك:* لا موسيقى صاخبة من السيارات، لا مفرقعات ليلًا، لا تركتورونات ولا إزعاجَ للجيران.
*في أم الفحم:*
• نُقلّل من الضوضاء في الأفراح، في المركبات، وفي البيوت. مع الإشارة أن بلدية ام الفحم فازت مؤخرًا بنداء لتقليل الضجيج.
• نفهم أنّ راحةَ غيرنا لا تقلّ أهمية عن راحتنا.
• نصنع بيئةً هادئةً تساعد أبناءَنا على التركيز والراحة.
5. *الطاقة الخضراء تبدأ من العادات اليومية*
*في الدنمارك:* يعتمدون على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ويقلّلون من استهلاك الكهرباء.
*في أم الفحم:*
• نحن في البلدية نسعى منذ فترة لان تكون ام الفحم بلدًا خضراء من خلال عدد من المشاريع التي قمنا بتنفيذها في مجال توفير الطاقة والحفاظ على البيئة المستدامة منها: الإضاءة الذكية في الشوارع والمؤسسات، تركيب 6000 متر مربع من الألواح واللواقط الشمسية على أسطح عدد من المؤسسات العامة والتربوية والقاعات في المدينة لإنتاج الطاقة النظيفة والخضراء. مع الإشارة أيضا اننا بصدد تخطيط بناء مؤسسات عامة تفي بشروط البناء الأخضر.
• نُطفئ الأضواء غير الضرورية في بيوتنا ومؤسساتنا.
• نُقلّل من استخدام المكيّف ونُفضّل التهوية الطبيعية.
• نُفكّر – كمجتمع – في الاستثمار في الطاقة الشمسية لمدارسنا، مؤسساتنا وحتى بيوتنا.
*كلمة من القلب*
أهل بلدي الكرام في ام الفحم، الفرق بيننا وبين دول متحضرة مثل الدنمارك ليس في القدرات والطاقات، بل في الرغبة والإرادة والتحدّي اليومي. كل واحد فينا يمكن أن يكون جزءًا من التغيير، بخطوات صغيرة لكنها مؤثرة. دعونا نزرع هذه القيم في بيوتنا، مدارسنا، مساجدنا، مؤسساتنا، منتزهاتنا، شوارعنا – نزرعها اليوم لنحصدها غدًا. لنُنشئ جيلاً يرى في أم الفحم مدينةً نظيفةً، هادئةً، وخضراء، بلدًا يطيب العيش فيه.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو rwaqmedia@gmail.com حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)