60% من الكهرباء انهار في 5 ثوانٍ: ما هي أسباب وكواليس انقطاع التيار الكهربائي الذي هزّ أوروبا

ناضل ملايين الأشخاص في شبه الجزيرة الأيبيرية للعودة إلى حياتهم الطبيعية بعد “أكبر انقطاع للكهرباء في تاريخ إسبانيا والبرتغال”، كما وصفته الصحف الأوروبية صباح اليوم. فخلال خمس ثوانٍ فقط، بعد الساعة 12:30 ظهراً بالتوقيت المحلي، انهارت شبكة الكهرباء في الدولتين وخسرت نحو 60% من قدرتها على التوزيع، وفق البيانات التي نُشرت اليوم. وتشير آخر التقارير إلى أن 92% من الشبكة جرى إصلاحه حتى ساعات الصباح، فيما تكافح السلطات للتعامل مع تداعيات الانقطاع الهائل وتقديم تفسيرات للمواطنين حول مصدره.
تسبب انهيار الشبكة في شلل للنقل، توقف القطارات فائقة السرعة، إغلاق محطات المترو، فقدان الإشارات الضوئية واللوحات المرورية. اضطرت المستشفيات للتحول إلى المولدات الاحتياطية، وكذلك المنشآت الحيوية الأخرى. علقت عشرات الآلاف من الركاب في مترو الأنفاق أو في قطارات السكك الحديدية السريعة التي توقفت في العراء. توقفت الحركة في المطارات الرئيسية أول الأمر، ثم استؤنفت جزئياً فيما بعد. وفي بعض الحالات، أفادت تقارير في إسبانيا عن وفاة مرضى كانوا يتلقون علاجاً بالأجهزة التنفسية في منازلهم، بينما واجهت سيارات الإسعاف صعوبات في الوصول إلى المحتاجين. انتقلت المستشفيات للعمل بالمولدات الكهربائية. بقي آلاف الركاب عالقين في قطارات فائقة السرعة لأكثر من 12 ساعة داخل العربات.
نشرت وسائل الإعلام صوراً لاختناقات مرورية ضخمة في مدريد نتيجة تعطل أنظمة المرور. وحثّ عمدة العاصمة السكان على عدم مغادرة منازلهم. كما تأثرت شبكات الاتصالات؛ عجز ملايين الأشخاص في جميع أنحاء إسبانيا عن إجراء مكالمات هاتفية لعدة ساعات. كذلك توقف الإنترنت الخليوي في البداية، وعمل بعد ذلك بشكل جزئي وفق التقارير. التأثيرات الكارثية، التي حدثت في إسبانيا، امتدت إلى شبكة الكهرباء في البرتغال المجاورة، وكذلك في فرنسا.
نُشرت في الدولتين صور لأرفف فارغة في محلات السوبر ماركت، في مشاهد تذكر ببداية أيام جائحة كورونا، حين هرع السكان للتزود بالغذاء والمياه بسبب انعدام اليقين. ذكرت الصحف الإسبانية أن جميع المحولات الكهربائية (الترانزستورات) نفدت من محلات الأجهزة الكهربائية، فيما عاد المواطنون للاستماع إلى الراديو لمتابعة الوضع. كما أن الصرافات الآلية، التي اشتغلت بالمولدات الاحتياطية، فرغت من النقود.
أعلنت الحكومة الإسبانية حالة الطوارئ مساء أمس، وأكد رئيس الوزراء بيدرو سانشيز أنه يراقب شخصياً جهود إعادة إحياء شبكة الكهرباء. انتشر عشرات الآلاف من رجال الشرطة في شوارع المدن المظلمة استعداداً للمساء، للحفاظ على النظام ومنع حالات النهب أو العنف.
السبب وراء الانقطاع لا يزال مجهولاً
بحلول الليل، عادت معظم الشبكة إلى العمل، بعد أكثر من 12 ساعة من الانقطاع الواسع. وفي أجزاء من مدريد، عادت الكهرباء حوالي الساعة 9:30 مساءً وسط هتافات السكان فرحاً. انتشرت صور المدن الإسبانية المظلمة على وسائل التواصل الاجتماعي. أمضى الركاب، بمن فيهم السياح العالقون بسبب إلغاء الرحلات الجوية والقطارات، ليلتهم على أرضية محطات القطار والمطارات، حيث وزعت فرق الطوارئ عليهم بطانيات وزجاجات مياه. أعلنت شركة السكك الحديدية الوطنية الإسبانية أن حركة القطارات ستستأنف اليوم وأنها ستكون مجانية.
حتى الآن، لم تُعرف الأسباب وراء هذا العطل غير المسبوق. صرح متحدث باسم صناعة الطاقة الأوروبية لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية بأن الأمر يتعلق بـ “عطل يحدث مرة كل 50 عاماً، وربما مرة كل 100 عام”. وأشار إلى أنه في صباح يوم الحادث، كانت هناك “اضطرابات محلية” في الربط بين الشبكة الفرنسية والإسبانية أدت إلى انفصالهما، لكنه أقر بأنه ليس متأكداً مما إذا كانت هذه هي العوامل الوحيدة “لخلل بهذا الحجم الهائل”.
ذهب البعض إلى التكهن بأن مصدر العطل هو الفروقات الحرارية القصوى في مناطق معينة من إسبانيا، مما أدى إلى خلل في منظومة نقل الكهرباء وبالتالي إلى انهيار متتالٍ للشبكة. نفت حكومة البرتغال احتمال تعرضها لهجوم إلكتروني. وقال متحدث باسم شركة الكهرباء البرتغالية، وفقاً لـ “الجارديان”، إن مصدر الخلل كان في إسبانيا، ونتج عن “ظاهرة جوية نادرة” تسببت في فجوة حرارية كبيرة أدت إلى انهيار الشبكة. وتسمى هذه الظاهرة “اهتزاز جوي مستحث” (Induced Atmospheric Vibration)، وتؤدي إلى اختلال التزامن بين نظم نقل الكهرباء في البنية التحتية الوطنية، ومن ثم الانهيار. وأضاف أن فصل فرنسا لشبكتها عن الشبكة الإسبانية زاد من عدم الاستقرار وساهم في الانهيار.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو rwaqmedia@gmail.com حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)