تقديرات متشائمة حول مستقبل الشمال: خمس سنوات على الأقل قبل استعادة الوضع الذي سبق الحرب

بعد مرور عام على اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، تتزايد المخاوف في الشمال من أن طريق العودة إلى الحياة الطبيعية سيكون طويلًا ومعقدًا. فوفق المعطيات المنشورة، نفّذ الجيش الإسرائيلي منذ توقيع الاتفاق نحو 700 هجوم داخل لبنان، فيما قُتل قرابة 400 عنصر من حزب الله خلال عمليات هدفت إلى تقويض قدرة التنظيم على إعادة بناء بنيته العسكرية.
ورغم الدمار الواضح في القرى اللبنانية المحاذية للحدود، إلا أن الواقع داخل إسرائيل نفسها لم يعد إلى ما كان عليه قبل 7 أكتوبر.
مخاوف من رد حزب الله
اغتيال هيثم علي طبطبائي، رئيس أركان حزب الله، مطلع الأسبوع، أثار من جديد تساؤلات ملحّة لدى سكان الشمال: هل سيرد حزب الله بإطلاق صواريخ جديدة؟
السكان يعيشون منذ عام على وقع أصوات الانفجارات اليومية تقريبًا من عمليات الجيش داخل لبنان، فيما تسود قناعة متنامية بأن جولة قتال جديدة تبدو شبه حتمية، وهو ما يعرقل تعافي المنطقة.
فجوة بين الجليل الغربي والجليل الشرقي
الصورة على الأرض تكشف انقسامًا واضحًا:
- الجليل الغربي عاد إليه النشاط تدريجيًا، وعادت العائلات، وفتحت المصالح التجارية أبوابها. بعض البلدات مثل شلومي شهدت حتى ارتفاعًا في عدد السكان.
- الجليل الشرقي يعيش واقعًا مختلفًا، إذ يواجه صعوبة كبيرة في استعادة الحياة الطبيعية، ويرجع جزء كبير من ذلك — بحسب مسؤولين حكوميين — إلى اختلاف النهج بين القيادات المحلية. ففي حين دعت سلطات الجليل الغربي السكان للعودة فور انتهاء القتال، خرجت قيادات الجليل الشرقي برسالة معاكسة: “لا تعودوا الآن”، ما عمّق حالة الهجرة وعدم اليقين.
أزمة إسكان غير مسبوقة
في كريات شمونة، لم يعد حوالي 30% من السكان، وتُعرض حاليًا نحو 700 شقة للبيع، فيما تظهر مئات الإعلانات للعقارات المعروضة للإيجار.
ويقول خبراء العقارات إن الأسعار في شقق الإسكان تراجعت بنحو 30%، من 800–700 ألف شيكل إلى 600–500 ألف، وسط عزوف كبير عن الشراء.
أما في المطلة، فقد عاد فقط 48% من السكان. الوضع مشابه في المنارة وشتولا، بينما لم يعد نحو 40% من سكان البلدات المحاذية للسياج الحدودي مثل أدميت ومسغاف عام. وتقدَّر أعداد الذين لم يعودوا بحوالي 9,000 شخص، ثلثاهم من كريات شمونة وحدها.
السياحة منهارة… والشتاء آخر أمل
القطاع السياحي في الشمال يمر بشلل شبه كامل. أصحاب المنتجعات الريفية (الصيَمِر) يترقبون تساقط الثلوج لإنقاذ الموسم، بعد عامين من إغلاق موقع حرمون وكارثة صيف أثّرت بشدة على منتجعات التجديف المائي.
كثير من الحجوزات الأخيرة أُلغيت بسبب الخوف من التصعيد.
اقتصاد محلي على حافة الانهيار
تشير التقديرات إلى أن 40% من المحال التجارية لم تفتح أبوابها منذ الحرب، بينما يعاني العديد ممن عادوا للعمل من خطر الإفلاس، نتيجة تراجع الحركة الشرائية في المدن الشمالية.
خطط حكومية بطيئة ومُربِكة
مع مرور عام على وقف إطلاق النار، قررت الحكومة دمج مديرية “تكومه” في الجنوب مع مديرية “تنوفاه” في الشمال تحت إدارة واحدة.
لكن الفجوة التنفيذية كبيرة:
- الجنوب يعمل بـ 70 موظفًا
- بينما الشمال لديه 10 موظفين فقط، وينتظر 30 وظيفة إضافية للبدء بالعمل.
كما تُظهر بيانات مديرية “تنوفاه” أن 87% من السكان عادوا إلى الشمال، لكن هذه الأرقام تصطدم بالواقع.
ففي بلدة مرغليوت، مثلًا، تقول المديرية إن 100% من السكان عادوا، لكن رياض الأطفال تعمل بستة أطفال فقط، خمسة منهم من خارج البلدة، بينما لم يُفتح الحضانة نهائيًا.
“نحن في حالة طوارئ”
يقول إيتان دافيدي، رئيس مجلس مرغليوت: “نحن نعيد بناء البلدة جسديًا، لكن اجتماعيًا نحن في مشكلة. لا توجد عودة حقيقية للسكان، ولا أعرف إن كنا سنفتتح الروضة العام المقبل.”
ويضيف: “غياب الاستثمارات وتباطؤ صرف الميزانيات يعيق كل شيء. البيروقراطية تخنقنا، وبرنامج خماسي يُعدّ في الظروف الطبيعية، لا في حالة طوارئ.”
العودة إلى الوضع السابق… بعد خمس سنوات
التقديرات المتشائمة في المؤسسات الحكومية تشير إلى أن استعادة الشمال لحالته التي كان عليها قبل الحرب ستتطلب نحو خمس سنوات، بشرط تحسن الوضع الأمني وضخ استثمارات عاجلة.
وفي الوقت الذي تعمل فيه الحكومة على خطط بعيدة المدى، يطالب السكان بـ إجراءات فورية توقف نزيف الهجرة وتمنح الأمل بإعادة إحياء الشمال من جديد.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو rwaqmedia@gmail.com حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)



