حيّ الجبارين في خطر

بقلم أدهم سليمان جبارين – عضو المجلس البلدي في أم الفحم
حيّ الجبارين في أم الفحم يواجه اليوم ثلاثة مصادر خطر حقيقية على حياة الناس وجودة حياتهم: شارع مفقود، بيئة مدرسية خانقة، ومكب نفايات يُصدِر سمومه ليلًا ونهارًا. هذه ليست مشاكل “خدماتية” عابرة، بل صورة حيّ كامل يُهمَّش عامًا بعد عام، حتى يصبح الخطر جزءًا من الروتين اليومي.
هذا المقال موجَّه لأهالي أم الفحم والشارع العام، قبل أن يكون موجَّهًا للمسؤولين. لأنّ ما يحدث في حيّ الجبارين اليوم يمكن أن يحدث غدًا في أي حيّ آخر، إذا لم نرفع الصوت ونطالب بحقوقنا بوضوح.
أولًا: شارع ستّ خيزران – الطريق الغائب إلى الحياة
في منطقة ستّ خيزران – مقبرة الاغبارية – حي الجبارين، ما زال الشارع هناك حلمًا معلّقًا على الوعود. لا شارع منظّم، لا بنية تحتية آمنة، ولا طريق محترم يليق بأهالي الحيّ .
سيارة إسعاف تحاول الدخول، سكان يخرجون ويدخلون بصعوبة… وكل ذلك في عام 2025، داخل مدينة كأم الفحم، يفترض أن تكون فيها أبسط الحقوق مسلَّمات.
الشارع ليس رفاهية. الشارع يعني:
* وصول سريع للإسعاف في حالات الطوارئ.
* تسهيل دخول وخروج السكان، وفتح المجال للتطوّر العمراني لاحقًا.
كعضو مجلس بلدي، تقدّمت بطلبات رسمية، واستجوابات، وطرحت الموضوع في الجلسات أكثر من مرّة. لكن، حتى اليوم، الشارع لم يتحوّل إلى مشروع جديّ بجدول زمني واضح وميزانيات معلنة.
غياب الشارع في هذه المنطقة هو قرار غير مكتوب بأنّ أهل الحيّ يمكن أن ينتظروا… وأنّ حياتهم ليست أولوية.
ثانيًا: مدرسة الخنساء – عندما تتحوّل البيئة التعليمية إلى ضغط وخطر
منطقة مدرسة الخنساء، التي تخدم عددًا كبيرًا من طلاب حيّ الجبارين والأحياء المحيطة، تعيش أزمة مركّبة:
1. **اكتظاظ داخل الصفوف**
عدد الطلاب كبير، والغرف التعليمية محدودة. هذا الاكتظاظ يضغط على الطلاب والمعلمين، ويؤثر على جودة التعليم وعلى الصحة النفسية للجميع.
2. **فوضى في الخارج – مواقف سيارات وسير غير آمن**
أمام المدرسة وحولها، هناك عدّة أماكن لمواقف السيارات (حنيون)، لكنها غير مستغلة بالصورة الصحيحة، ويغيب عنها التخطيط الشامل. النتيجة:
* فوضى في تنزيل الطلاب صباحًا وإعادتهم بعد الظهر.
* أزمة سير مستمرة وخطر حقيقي على الطلاب والمشاة.
3. * ملعب مسقوف وموقف منظَّم**
تقدّمنا باقتراح واضح ومهني:
* رفع أحد الملاعب في محيط المدرسة وبناء سقف فوقه.
* يكون السقف نفسه ملعبًا ومساحة نشاط للطلاب.
* وتحت هذا السقف يُستغلّ المكان كموقف سيارات منظَّم للمدرسة وللحي.
هذا الحلّ يخدم:
* الطلاب (ملعب آمن ومهيّأ، في ظلّ أجواء الطقس الحار أو الماطر).
* الأهالي (موقف منظَّم للسيارات).
* الحيّ (تخفيف أزمة السير، وتحسين التنظيم العام حول المدرسة).
حتى اللحظة، لا يوجد قرار جديّ بتبنّي هذا الحل أو أي بديل مهني شامل. مدرسة الخنساء هي قلب تربوي وتعليمي للحيّ، ولا يُعقل أن يبقى هذا القلب محاصرًا بالاكتظاظ والفوضى المرورية.
ثالثًا: مكبّ نفايات عين النبي – الأقواس… نار تحت الأرض وغيمة فوق البيوت
أخطر ما يواجه حيّ الجبارين اليوم هو مكبّ النفايات في منطقة عين النبي – الأقواس. هذا ليس “مجرد مكبّ”، بل قنبلة صحية وبيئية مفتوحة منذ سنوات.
# ماذا يحدث هناك؟
* داخل جسم المكب توجد نيران داخلية مشتعلة بشكل مزمن.
* هذه النيران تُطلِق غازات، دخانًا وروائح كريهة تصل إلى بيوت الناس.
* السكان يشتكون من:
* ضيق تنفّس، حرقان في العينين والحلق.
* صعوبة فتح النوافذ خصوصًا في ساعات معيّنة من اليوم.
* خوف حقيقي من تأثير طويل الأمد على صحة الأطفال وكبار السن.
ما الخطأ في طريقة “العلاج” الحالية؟
ما يحدث اليوم في الميدان هو محاولات سطحية، أشبه بـ “تغطية المشكلة” بدل حلّها:
* يتم استخدام بايغر (حفّار) لطمر المكان بالتراب من الخارج.
* تُغلق الطبقة الظاهرة، لكن النار تبقى مشتعلة في الداخل.
* الغازات تواصل التسرّب من الشقوق، وتتغلغل نحو بيوت الناس وأجسادهم.
المعالجة المهنية الحقيقية يجب أن تكون عكس ذلك تمامًا:
* فتح المكبّ وليس طمره.
* الوصول إلى مصدر النار داخل الجسم الداخلي للمكب.
* العمل وفق خطة مهنية بيئية، مع خبراء وبتعاون مع الجهات الرسمية ذات الصلة.
مكبّ كهذا لا يمكن التعامل معه بعقلية “يلا نغطيه شوية تراب ونمشي”. هذا التهاون يُترجَم مباشرة إلى أمراض، وإلى هواء سامّ يتنفسه الناس كل يوم.
—
حيّ الجبارين ليس حيًا من الدرجة الثانية
عندما نضع هذه القضايا الثلاث جنبًا إلى جنب – شارع مفقود، مدرسة مكتظّة تعاني من فوضى خارجية، ومكبّ نفايات سام – نرى صورة واحدة:
* حيّ لا يحصل على الحد الأدنى من حقّه في البنية التحتية.
* أهالٍ يضطرون للتعايش مع الخطر بدل حمايتهم منه.
* قرارات بلدية بطيئة، مترددة، أو غير كافية، في مواجهة مشاكل واضحة وممتدة لسنوات.
حيّ الجبارين ليس حيًا من الدرجة الثانية، وأهله ليسوا أقل من أي حيّ آخر في أم الفحم. الحق في شارع، في بيئة تعليمية آمنة، وفي هواء نظيف، ليس فضلًا من أحد، بل واجب أساسي على البلدية والجهات المسؤولة.
—
## ماذا نريد؟
من موقع مسؤوليتي كعضو مجلس بلدي من حي الجبارين، ومن موقع كوني واحدًا من أبناء هذا البلد، أطالب بشكل واضح بما يلي:
1. **تحويل شارع ستّ خيزران – مقبرة الاغبارية – حي الجبارين إلى مشروع فوري:*
* إعداد مخطط هندسي واضح.
* إعلان جدول زمني للتنفيذ.
* رصد ميزانية معلنة وشفافة.
2. **تبنّي حل شامل لمنطقة مدرسة الخنساء:**
* معالجة الاكتظاظ عبر حلول تربوية وبنيوية (إضافة غرف، تنظيم التوزيع، إلخ).
* تنفيذ مشروع ملعب مسقوف مع موقف سيارات في الأسفل، أو بديل مهني متكامل.
* تنظيم حركة السير حول المدرسة بحيث تكون أولوية السلامة فوق أي اعتبار.
3. **إعداد خطة مهنية لإخماد مكب النفايات في عين النبي – الأقواس من جذوره:**
* وقف المعالجات السطحية القائمة على الطمر فقط.
* إشراك خبراء وجهات بيئية مختصة.
* التحرك وفق جدول زمني واضح ومعلن أمام الجمهور.
كلمة أخيرة إلى أهالي أم الفحم
حيّ الجبارين اليوم في خطر، لكن الخطر الأكبر هو السكوت.
عندما نصمت، نُعطي رسالة بأننا نقبل بهذا الواقع. وعندما نرفع الصوت بشكل منظَّم ومسؤول، نحن لا نواجه البلدية كخصم، بل نضعها أمام مسؤوليتها كجهاز خادم للمواطن.
أنا، كأدهم سليمان جبارين، عضو المجلس البلدي، سأواصل:
* تقديم الاستجوابات.
* طرح الموضوع في الجلسات.
* التواجد في الميدان مع الأهالي المتضررين.
لكن صوت الفرد وحده لا يكفي. المطلوب:
* التفاف أهالي الحيّ حول هذه المطالب.
* دعم من سائر أحياء أم الفحم، لأنّ العدالة في حيّ واحد تعني إمكانية العدالة في باقي الأحياء أيضًا.
حيّ الجبارين في خطر، نعم.
لكن بوعي الأهالي، وبتحمل المسؤولية من قبل البلدية والجهات المعنية، يمكن أن يتحوّل هذا الخطر إلى نقطة انطلاق لتصحيح تاريخ كامل من الإهمال.
لن نقبل بأقلّ من حقّنا في حياة كريمة، آمنة ونظيفة في حيّ الجبارين، وفي أم الفحم كلّها.
من المهم التنويه أن موقع رِواق يحترم حقوق النشر ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المنشورات او الصور ومقاطع الفيديو أو غيره مما يصل الينا، وفي حال أنكم وجدتم أن لكم صورة او فيديو او منشورا تمتلكون حقوقا فيه، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة أو rwaqmedia@gmail.com حسب قانون 27 أ(סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים)



